شاب وصبية سوريان يرتديان قمصاناً كتب عليها باللغتين العربية والإنكليزية/ شباك سوري
article comment count is: 0

how you doing مع لغتكم الأم؟

“ممم سأختار هذا البنطلون فموديل ال Boyfriend  يعدّ رائجاً هذه الأيّام” قالت لي ثمّ انصرفت لتحاسب البائع، فصديقتي غالباً ما تتحدّث ببعض الكلمات الأجنبيّة والتي يستحيل علينا كمتحدثين للغة العربيّة أن نجد البديل العربيّ لها، فموضة البنطلون التي اختارتها تشبه إلى حدٍّ ما اختيارنا للغة الإنكليزيّة التي بات يلبسها لساننا، فلتواكب العصر الجديد عليك بالموضة الرائجة؛ وهذا يبدأ باللغة أوّلاً!

من الممكن أن يعتبر تداخل الكلمات الغربيّة بين أحاديثنا مثل موضة الجينز الأزرق الذي اجتاح العالم منذ فتراتٍ بعيدة ولم يفرّق بين الأجناس، فهل كانت اللغات الأجنبيّة كاللباس الجديد الذي انتشر في السوق اليوم؟

يحاول أحمد (24 عاماً- خريج هندسة العمارة) تعلّم اللغة الإنكليزيّة في أحد المعاهد للحصول على شهادة التوفل ويتقدّم للمنح المتاحة، وفي نفس الوقت يراها ضرورة عصريّة في الحياة بشكلٍ عام، يقول: “غالبيّة الشباب اليوم تلاحق الموضة الغربيّة في لباسها وحديثها وحتى التصرفات، فاللغة الإنكليزيّة بدأت تسيطر على ثقافة حياتنا وهذا شيء ممتع لا يشبه كتب اللغة العربيّة في المدارس، فالثقافة الغربيّة حرّة ونحن بحاجة هذه الحريّة”

بالنسبة لحازم (23 عاماً– طالب الأدب العربيّ) لم يكن تمسّكه باللغة العربيّة سببه المدرسة ولا محيطه؛ بل كان تمسّكاً نابعاً عن حبّه لهذه اللغة وما تمتلكه من مفردات وحروف قويّة جعلت منه مخلصاً لها على حدّ تعبيره، ويضيف: “أجيد التحدّث باللغة الانكليزيّة ولكن لم أجدها في حياتي بديلاً عن لغتي العربيّة، فالكتب التي قرأتها في السنن الماضية أكّدت لي هذا، وجعلتني أقدّر هذه اللغة وما نتج عنها من أدبٍ”

وبالنسبة للشباب الذين يتحدثون بلغات أجنبيّة يقول الشاب العشريني: “لا أفضّل هذه النوعيّة من الشباب بل على العكس يصيبني النفور حين ألتقي بهذه النوعيّات حيث أشعر بأنّه تقليد مبتذل للغرب لا يشبهنا”

ينحاز جيل الشباب اليوم للمعروضات الغربيّة وكأنّما الألوان في الخارج تلمس شخصيّاتهم الحديثة اليوم والتي طوّرتهم على مرّ السنين، وخاصّة بعد وصول الثورة التكنولوجيّة إلى سوريا، فكانت اللغات لا ترتبط بالتحدث بها فقط، وإنّما تتحوّل لنمطٍ حياتيّ خارج عن المألوف في مجتمعاتنا الضيّقة بالنسبة للأجيال السابقة والتي كانت تفخر بالنتاجات الأدبيّة العربيّة والسوريّة على وجه الخصوص، فهل بدأت هذه الانتاجات بالانقراض بينما كنّا مشغولين بالاطّلاع على ما فاتنا قبل وصل شبكاتنا لحواسبنا؟

برأي مأمون (30 عاماً– خرّيج علم الاجتماع) “أنّ الشباب اليوم بحاجة للإنتاجات الحديثة التي تميّزهم عن آبائهم وعمّا تعلموه في المدارس حيث كانت الطرق والمناهج التعليميّة تُفرَض على الطالب بشكلٍ عنيف وقسريّ ولم يُهتم بالأصل بلغتنا العربيّة، ويضيف: “الاهتمام باللغة العربيّة عن طريق جعلها مادّة أساسيّة ومفروضة في جميع مراحل التعليم حتّى الجامعيّ منها سيكوّن ردّة فعل للطلاب تجاه هذه اللغة وأحياناً ثقافة هذه اللغة بأكملها، فجميعنا نذكر أنّ الاختيارات الأدبيّة التي وضعت في كتب مادّة اللغة العربيّة كانت مملّة بالمقابل في بلدنا وحدها يوجد إنتاجات كانت ستعكس تعليماً ممتعاً للطلاب وتحثّهم على الاهتمام”.

تسيطر الثقافة الغربيّة على مجتمعنا اليوم بشكلٍ لافت بين الشباب لتنتقل للأجيال المستقبليّة فتضيف ثقافة جديدة لا يراها البعض ملائمة لعاداتنا، فاللغة ليست كلمات نتواصل بها فقط وإنّما حضارة وثقافة تحمل عادات بلد بأكمله. إذاً هل نحن أمام عزاء ثقافيّ عربيّ يضرب عقولنا أم تطوّرٌ متأخّر؟

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً