"إحدى القطع الفنية التي صنعها نشأت عمى من مدرعة حربية" لامار إركندي/ شباك سوري
article comment count is: 7

في “عين العرب”.. فن من رحم حرب

داخل حجرة دبابة معطوبة، يستخرج الشاب نشأت عمى مخلفاتها الحديدية التي كانت تنشر الموت والرعب وتترك أحياناً آثارها القاتلة على أجساد الناس، ليحوّل منتجات الحروب المستهلكة إلى أشكال فنية تنبض بالجمال والحياة والأمل.

يختفي نشأت لساعاتٍ طويلةٍ داخل ورشته الفنيّة الصغيرة في مدينة عين العرب “كوباني” بريف حلب، تحيطه قطع “الخردة”، علب الألوان وأدوات التشكيل، وفي رأسه صورة متخيلة لمجسّم ينحت تفاصيله بدقةٍ على عجينة الطين ويغمسها في مادة الجبصين ويسكب عليها الحديد السائل ليخرج تمثالا مكتمل البناء.

عاد نشأت (32 عاماً) من لبنان بعد تحرير مدينته من تنظيم داعش، بدأ منذ نحو أربع سنوات تجميع مخلفات الحرب، ليجعل منها رمزاً للجمال وعملًا فنياً غير مألوف.

نجح “عمى” في تحويل القنابل العنقودية، القذائف وقطع الأسلحة إلى أشكالٍ  فنية، ذات ألوانٍ مدهشةٍ وحيوات تبعث الأمل ورسائل سلام للعالم أجمع.

في الحروب يزدهر الفن ويموت في الوقت نفسه، يحاول الفنانون إسكات صوت الرصاص بأعمالهم وإبداعاتهم، كما هو حال الفنان الشاب الذي تمرد على ظروف الحرب القاسية ليخلق من بقايا أسلحتها الحاقدة على الحياة جيلاً مختلفاً له رائحة الفرح وطعم السعادة، جيل من المنحوتات تحاكي واقع أناس عاشوا حقبة دموية نثرت أرواح أحبتهم تحت ركام مدينتهم، المدينة التي وصفها نشأت بأنها كانت مدينة أشباح، مدينة موتٍ ، مدينة الخوف، واليوم ها هي تنبض بالحياة.

يضيف: “في ظل النزاعات الدائرة في أغلب بقاع الكرة الأرضية، قد يبدو السلام حلماً خيالياً بعيد المنال، ولكن إرادة الانسان أقوى من آلة الحرب الغاشمة المتعطشة للدماء، وعلى الكل أن يتمرد عليها بطريقته الخاصة فالكاتب يثور بقلمه والفنان بريشته والمطرب بصوته  لتعود  الحياة اجمل وأنقى.”

يمسك آلة “تلحيم الحديد” ويتابع: “عرف النّاس فنّ الحروب، لكن الفنان عرف فنون السّلام، حين صاغ  فناً من شواهد الموت من صواريخ وقذائف حاصرت الحياة وخنقتها، وحولت البشر إلى أشلاءٍ والبيوت إلى أنقاض”.

يذكر الفنان نشأت عمى بأنه لم يدرس الفنون أكاديمياً، إلا أن لديه موهبة، نمّاها كعملٍ في مجال الحديد، فموهبته الفطرية، تطورت من خلال التجربة، والمعلم الأساسي لتطوير الموهبة هو الإصرار والعزيمة والاستفادة من الخبرات.

بنى الشاب الثلاثيني لنفسه اسماً وشهرةً في منطقته، بعدما خلق من  نفايات الحروب تحفاً فنيةً، دفعت الكثير من المؤسسات الثقافية  والأسواق المختصة إلى التعاقد معه، من أجل إعداد نصب أو مجسمٍ يدفع بالمشاهد إلى الطمأنينة والهدوء النفسي، ويزرع في روحه أملاً، فما زالت في الأفق  نقطة ضوء زرقاء.

خمسون مجسماً فنياً يسعى نشأت لعرضها في معرض عالمي لتكون رسالة فنان من عين العرب لكلّ العالم، أمنيته هي “أن السلام يمكن تحقيقه حتى من بين ركام الحروب.”

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (7)

  1. مقال رائع
    هذا دليل ان الاكراد لا يريدون الحرب وما حروبهم الا دفاعا عن النفس’ وانهم دعاة سلام ويحولون اداوات الحرب الى فن وجمال

  2. يرجى تعديل اسم المنطنقة من عين العرب الى قلعة نضال وتحدي اكبر منظمة ارهابية داعش ( كوباني)

  3. لکي ينبض قلبکم بالحب والعدل ويموت الحقد فيه أعطو مساحة قليلة لمشاعر الآلاف في (كوبانى)، واذكروا كوبانى لكي ينبثق من شباككم نور المساواة والعدل والموضوعية والحب على البشر