طلاب جامعة حلب - شباك سوري
article comment count is: 0

أحلام شباب ما بعد الحرب

أمام عتبة بيته المدمر ورغم آلامه يجلس مراقباً شارع الطفولة، الذي تغيرت ملامحه بشكلٍ كامل، منفصلاً عن واقعه، غير آبه بالقذائف الصاروخية وأصوات المدفعية التي تدوي بمكانٍ ليس ببعيد، يكرر كل يوم مقولة ديكارت “أنا أفكر إذاً أنا موجود” والوجود ينافي الموت.

يعود ربيع (26 عاماً) بشريط ذاكرته خمسة أعوام: “مع بداية الحرب في حلب منتصف عام 2013، كنت ذلك الشاب المستهتر غير المكترث لأي أمر، والمعتمد على والديه بكل شيء، وفي عام 2014 فقدت منزلي في حي جمعية الزهراء واضطررت للنزوح مع عائلتي إلى حي الميريديان وسط حلب، وعندها بدأت الأزمة تقسو علي”، يكمل ربيع: “حولتني الحرب من شابٍ عشريني إلى رجل بتفكيرٍ خمسيني، فبعد وفاة والدي اتجهت للعمل في أحد مطاعم حلب لأستطيع إكمال دراستي، وفي أواخر عام 2017 تخرجت من كلية الهندسة المعمارية، وبدأت العمل في أحد المكاتب الهندسية بحلب”.

يضيف ربيع: “أصبحت مهووساً في الإطلاع على تاريخ مدينتي، الذي كنت لا أعرف عنه شيء، وأصبح لدي مكتبة مخصصة لمخططات مدينة حلب القديمة، وحالياً أشرف على ترميم منزل جدي في حي الجديدة الأثري، وأقضي فيه معظم أوقاتي، وبعد الانتهاء منه سأتابع مهمتي في بقية أحياء المدينة القديمة.”

بدوره يقول إحسان صغير وهو رائد أعمال سوري مقيم في حلب: “في الفترة الأخيرة من الأزمة خطرت في بالي فكرة تأسيس شركة ناشئة تُعنى بتقديم خدمات التنظيف بأسلوب مبتكر، وكان ذلك لتلبية حاجة خلقتها الحرب والظروف، فمن ناحية تحتاج السيدات لأشخاصٍ يقدمون تلك الخدمات ويكونون مصدر ثقة وأمان وبجودة عالية، ومن ناحية أخرى لتلبية حاجة السيدات لفرص عمل كونهم تحولوا لمعيلات لأسرهم نتيجة الحرب”، ويؤكد إحسان أن “الحرب كان لها دور في هذه الفكرة، ففي الأزمات تتغير الظروف والمعطيات، وتختلف حاجات الناس، وبالتالي تختلف الأفكار بناءً على المعطيات.”

ويضيف الشاب الثلاثيني: “لرواد الأعمال دور كبير في نهوض المجتمعات بعد الحروب، فمن خلال معرفتهم بالأرض والحاجات يستطيعون إيجاد الأفكار التي تلبي تلك الاحتياجات، ونجاح أي فكرة يكون بناء على اعتمادها على أفكار تحقق التنمية للمجتمع.”

قي حين يرى طالب كلية الاقتصاد أنس محمد أنه “علينا أن نستثمر وقتنا الحالي بالتعلم من تجارب الدول الأخرى لكي نستطيع النهوض من بين الركام، وأبرز تلك التجارب هي التجربة اليابانية، فبعد مجزرة هيروشيما وناكازاكي كان من الصعب على أي شخص أن يتخيل أن اليابان ستكون من الدول الأكثر تقدماً ونمواً، لأن تلك الحادثة خلفت مئات آلاف القتلى والجرحى والمفقودبن، بالإضافة إلى دمار هائل في عدة مدن، كان الاقتصاد الياباني حينها بحالة انهيار كامل، وكل المؤشرات تدل على أن أمامها وقت طوبل جداً لتعود لوضعها الطبيعي لأنها بنظر الناس حينها عادت للعصور الوسطى، لكن وبعد خمسة وعشرين عاماً تقريباً كانت اليابان من أكثر دول العالم نمواً اقتصادياً”، ويعتقد أنس أن أول خطوة لنبدأ بالنهوض أن ننسى عبارة “بدنا مية سنة لنرجع متل ماكنا”.

ويتحدث عبود الصفر (26 عاماً)خريج كلية الإعلام: “يجب علينا إعادة ترتيب المنظومة التعليمية في سورية، فخلال الحرب درس أطفالنا أكثر من منهاج دراسي، سواءً في مناطق سيطرة الحكومة أو في المناطق الخارجة عن سيطرتها، لذا علينا مسح كل ماهو سلبي في عقول الأطفال من خلال منهاج موحد لجميع الأطفال السوريين داخل البلاد وخارجها، فإعادة إعمار أي بلد يجب أن تنطلق من البنية التعليمية.”

هل ساهمت الحرب في تغيير أفكار الشباب؟ تتحدث تسنيم وهي خريجة كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية في جامعة حلب: “بكل تأكيد الأزمة غيرت كل شيئ بما في ذلك تفكير الشباب بشكل عام، وتفكيري بشكل خاص، فقبل الأزمة لم أتخيل يوماً أن أعمل في مجالٍ خاص بالرجال إلا أن الحرب جعلتني أكثر تقبلاً لتلك الفكرة، فبعد سفر أخوتي خارج البلد، وعودة مصنع أبي المتخصص بالألمنيوم للعمل في المدينة الصناعية، طرحت فكرة أن أساعده في الإشراف المباشر على العمل، فضحك وقال (جربي يومين ورح ترجعي عالبيت) وأنا اليوم أكمل عاماً ونصف في المعمل، وأصبح والدي يعتمد علي بشكل كبير.”

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً