تنتظر روبي (اسم مستعار) الانتهاء من مرحلة “البكلوريا” (الصف الثالث الثانوي) لتجري بعض التعديلات في شكل أنفها، وشفتيها، وخديها. تسترسل بعد أن اطمأنت إلى عدم ذكر اسمها الصريح خلال حديثها عن عمليات التجميل، وتبتسم بعد أن اختيارها اسم “روبي” للتعريف بها. تشير إلى مناطق في وجهها التي تعتبرها بحاجة للتعديل، استعداداً للمرحلة الجامعية المقبلة، وفق تعبيرها.
خلال حديثها، تؤكد روبي أن عائلتها تقبلت الفكرة، وتلقت وعداً من أبيها بإجراء العمليات كهدية لها حال نجاحها في الامتحانات، وهو ما تعمل على تحقيقه، إذ تمثّل هذه العمليات “مكافأة جيدة للجهود التي أبذلها خلال دراستي”، تقول.
لا تخجل روبي من فكرة عمليات التجميل، أو أن يعرف أحد أنها أجرتها، إلا أنها تريد “مفاجأة صديقاتها بشكلها الجديد”، وأن تنجح أولاً، وتتابع: “لا تشكل عمليات التجميل أي إحراج في المجتمع، على العكس تماماً، إحدى صديقاتي أجرت قبل شهرين عملية رائعة، وجميعنا في المدرسة أعجبنا بها، إلا أنها تغيرت وتكبّرت بعض الشيء بعدها”.
متاح وغير مكلف… فلم لا؟
بدورها، تستعرض مايا مجموعة صور قديمة لها، وتشير إلى مناطق قامت بإجراء بعض “التعديلات” عليها، وتقول: “لم أبالغ كثيراً في العمليات كل ما في الأمر بعض الرتوش في وجهي وأنفي وصدري ومناطق أخرى”، وتضيف ضاحكة: “بعض صديقاتي يحذفن صورهن القديمة وحساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي وينشئن حسابات جديدة بعد إجراء العمليات ليظهرن أن شكلهن طبيعي”.
تشير مايا، وهي تعمل في مجال تصفيف الشعر و”المكياج”، إلى أنها فكّرت ملياًّ قبل أن تقدم على هذه الخطوة، خصوصاً أنها “تفهم تماماً ما يجب فعله”، على حد قولها، وتتابع قائلة: “لا يتعلق الأمر بالشكل فقط، هنالك أثر نفسي كبير”.
لا تمانع مايا، وهي تبلغ من العمر 23 عاماً، إجراء عمليات تجميل أخرى “إن اقتضت الحاجة”، موضحة أن الأمر يتعلق أولاً “بالرضى عن النفس، لا شك أن للموضة أثر، فعندما يكون كل من يحيط بك بشفاه ممتلئة وابتسامة عريضة سترى فمك الصغير غير جميل، والعكس صحيح”، وتضيف قائلة: “طالما أن الأمر متاح وغير مكلف إلى حدّ ما فلم لا؟”.
“فورة”… وفخ!
من جهته، يؤكد أخصائي التجميل الدكتور فراس ملحم، خلال حديثه إلى “شباك سوري” انتشار هذا النوع من الموضة، إلا أنه يفرّق بين “الحاجة” و”الموضة”، ويشرح قائلاً: “يعاني البعض من عيب خلقي، كما توجد حالات لأشخاص تعرضوا لحوادث أو حروق خلّفت آثاراً وندوباً وتشوّهات شكليّة، ويتابع: “في مثل هذه الحالات قد يكون من الأفضل الإصلاح في سن مبكرة”.
ويرى أخصائي التجميل أن من الأسباب التي تدفع الأشخاص في سنّ مبكّرة للجوء إلى عمليات التجميل “رغبة الشخص في الحصول على فرصة عمل أو لدى البحث عن شريك إيماناً منه أو منها أن تحسين الشكل والمظهر يزيد من حظوظه بالتزامن مع انتشار مراكز التجميل بشكل غير مسبوق، والفورة الإعلامية التي واكبت وغطّت التقدّم والازدهار الذي شهده هذا الاختصاص”.
خلال حديثه، يؤكد الطبيب ملحم على “أثر مواقع التواصل الاجتماعي”، موضحاً أن هذه المواقع تشهد عمليات تسويق وإعلانات لمراكز التجميل، من قبل بعض الأشخاص، غير المؤهلين في بعض الأحيان” معتبراً أن قسماً ممن أجرى هذا النوع من العمليات وقع في هذا “الفخ”.
يضرب الطبيب مثالاً على ذلك “حالة تتكرر كثيراً للأسف وفيها استغلال واضح من قبل طبيب غير مؤهّل لرغبة البعض بالتقليد الأعمى لممثل أو ممثلة مثلاً، وبالتالي خضوع الشخص لإجراء غير ملائم دون أن يكون بحاجة لذلك فعليّاً”.
ويختم د. فراس ملحم بالتأكيد على أنّ: “إجراء عمليات التجميل، سواء للوجه أو للجسم مع أنواع الحقن من بوتوكس وفيلر، لا يعتمد على مقتبل أو خريف العمر بقدر ما يعتمد على وجود الاستطباب الحقيقي لذلك، بمعنى هل يحتاج الشخص فعلاً لهذا الإجراء وإلى أي حدّ يتناسب معه وهل يحقق التحسين المطلوب أم لا؟”، ويتابع قائلاً: “الإجابة على هذه الأسئلة إن تمّت بكل صراحة وشفافية تمكّن الطبيب المحترف والاختصاصي في التجميل من رفض الإجراء أو قبوله”.