حادثة ٌ بعد أخرى، تُبرهن التجربة بأن مجتمع “فيسبوك” لا يمثّل كامل عيّنات المجتمع السوري، وما هو مقبول على مواقع التواصل الاجتماعي؛ قد يكون منبوذاً في الشارع، وماهو مرفوض في العوالم الافتراضية، قد يكون مُستحبّاً، بل رُبّما محموداً في العالم الواقعي.
هل فكرتَ يوماً أن تتحدث مع أصدقائكَ عن “العادة السرية”؟ قد لا يبدو الأمر مألوفاً في مجتمعنا، وقد تجده أكثر شيوعاً في عالمنا افتراضي، وربما ينسحبُ الأمرُ بالحديث عن “هداك المرض” (السرطان) أو هديك الشغلة” وأعني بها الآن (التحرّش).
وجدتُ شيئاً من الصعوبة في سؤال صديقاتي “هل تعرضتنّ لتحرّش ما؟”، ولاحظتُ –بسهولة- بأنّي لا أحصلُ على إجابات دقيقة وصريحة بحكم التلكّؤ والتلبّك الذي كان يُصيبُ الفتاة حين أسألها، وبعض الأحيان توجّه إليّ سهام عيونها مع نظرة حادة، وكأنّي ألقيتُ عليها شتيمة ما، فما كان إلا أن ألجأ لاستبيان، لا تظهرُ فيه الأسماء والهويات خلف كلّ من يُجيب عليه، ووزّعته على ثلاثين صديقة، سألتهن إذا ما تعرضن للتحرّش يوما ما خلال أو في مكان العمل.
هل تعرّضتِ للتحرّش؟
أجَبْنَ 52% منهنّ أنهنّ نعم، قد تعرضن للتحرّش خلال عملهنّ، لكنّ 36% منهنّ غيرُ قادرات على تحديد إذا ما كان التحرّش ظاهرة في المجتمع أو حالة فردية، في الوقت الذي أكّدت فيه 35% منهنّ أن التحرّش ظاهرة منتشرة، و29% أجبنَ بأنه حالات فردية.
وعلى هذا السؤال، تُعلّق إحدى المشاركات في الاستبيان التي أطلقت على نفسها اسم (الخضراء) “التحرّش ظاهرة منتشرة، ولا سيما إذا كنا واعيات إلى أن التحرّش لا ينحصر شكله بالتحرش الجسدي، بل يشملُ أيضاً تحرشات لفظية أو مشاعرية”
(الخضراء) كانت واحدة من 66% من العينة التي أجابت بأن التحرّش الذي تعرضت له سابقاً في مكان العمل، كان تحرّشاً لفظياً، إذ كان أحد الموظفين الأعلى منها رُتبة، يُغازلها بشكل دوري وبإيحاءات جنسية، ويحاول استلطافها وتقديم الوعود بالترقية لها. بينما كانت نسبة أولئك الذين تعرّضوا لتحرّش الكتروني من خلال أحد مواقع التواصل الاجتماعي، 46% وذلك من خلال رسائل تنتظمُ على بريديهنّ الخاص، و5% فقط من تعرّضوا لتحرّش جسدي مباشر.
(كان باستطاعة المبحوثة أن تأخذ أكثر من خيار بآن معاً، وهذه النتائج بحسب العيّنة، وهي للاستئناس ولا يُمكن البناء عليها علمياً).
حكيت؟
لا توجد إحصاءات مجتمعية دقيقة في سوريا حول التحرّش الجنسي، لكن بالعودة للمجموعة التجريبية التي تناولناها، فقد أجابت حوالي نصف العينة بأنها لا تتجرأ على صدّ التحرّش علناً، خاصة إذ ما كان التحرّش مقتصراً على اللفظي أو الالكتروني.
وتفضل السيدات تجاهل هذا النوع من المتحرّشين حتى يملّ (اتباع أسلوب التطنيش)، و8% فقط أجبن بأنهنّ يحاولن صدّ المتحرّش، ولو كلّف ذلك خسارتهنّ لعملهنّ.
ولوحظ في العينة بشكل عام، اقتران كلمة التحرّش مع التحرّش الجسدي فقط، دون أن يشمل أنواع أخرى من التحرّش الذي قد تتعرض لها المرأة.
وفي ذات السياق، ربطت أكثرُ من نصف العينة بين التحرّش، وبين طبيعة العمل، فبيئات التمثيل والصحافة والمصارف والشركات الخاصة مثلاً، هي أكثر خصوبة للتحرّش من تلك في الوظائف الحكومية ومكاتب المحاماة، بحسب العينة التي تحدثنا معها.
تجربة شخصية
لا تُمانع روان من مشاركتنا تجربتها وذكر اسمها وكُنيتها، لكن فضّلنا حجب الكُنية والبقاء على اسمها الأول.
روان فتاة ثلاثينية، تعودُ بها الذاكرة ستة عشر عاماً لتحكي أول قصة لها مع التحرّش وتقول: “أول تحرّش تعرضتُ له كان من قبل أحد أقربائي، كنا نلعبُ سوية، ولصق جسده بجسدي، لم أفهم أن ذلك كان تحرّشاً، لكنّي شعرتُ بأن هناك خطأ ما”
تقول روان إنها المرة الأولى التي تحكي هذه الحكاية، ولم يسبق لها أن شاركتها مع أحد سوى أمها، ولاقت حينها توبيخاً شديداً منها، رغم انفتاح العائلة وتناولها هذه المواضيع.
تؤكد الشابة وقد ارتجف صوتها أثناء تلاوة حكايتها، بأن التوعية ضد التحرّش الجنسي يجب أن تبدأ من مرحلة الطفولة، لأن الكثير من الفتيات يتعرضن لتحرّش، ولا يُدركن ما جرى معهنّ بالضبط، أو بعضهنّ يخشى إخبار ذويه بما جرى.
ترفعُ روان صوتها عالياً اليوم، في محاولة منها لتحريض صديقاتها على التحدث عن التحرّش وعدم السكوت عن المتحرّش، وتقول: “للأسف، فإن صديقاتي لا يتحدثن عن قصصهنّ، ويفضلن بقاءها داخل دوائرهنّ المقربة، تخشى الفتيات من المجتمع، فغالباً ما يُلقي باللوم على الفتاة التي (فتحت المجال للشاب كي يتحرّش بها)”
من حملة الـ16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة.. وكل الأيام.
#احكي
#من_حقك_تحكي
طيب شو الحل! كيف المجتمع بدو يبلش يحكي عن مشاكله!!؟؟
انا صرلي شي ٦ سنين ملحد ومابسترجي احكي حتى لعيلتي. و بتخيل انو من ابسط حقوقي انو اعتنق او لا اعتنق الدين يلي بدي ياه.
شعب كللو عم ينافق على كللو.