كثر الحديث عن النوع الاجتماعي، والمساواة بين الجنسين، والتحرش، وغيرها من المصطلحات في الآونة الأخيرة، كما كثرت الأنشطة والمبادرات المتعلقة بها، وما لا شك فيه أن المجتمع المدني في سوريا، قد أثبت فاعليته في تحقيق أثر إيجابي وصنع تغييراً بيننا.
ولكن لعلنا يجب أن نسأل: إلى أي مدى، نحن الناشطون المجتمعيون، نحمل هذه القيم التي ندعو لها، ونطبقها في مؤسساتنا ومبادراتنا وفرقنا التطوعية؟ وعلى أقل تقدير تجاه معرفة حقيقية بالأدوار الجندرية (كل من الرجل والمرأة)، وسعي حقيقي لتطبيق المساواة في أماكن تواجدنا.
تشرح أميرة مالك (33سنة) وهي خريجة علوم سياسية، بأن الحساسية تجاه النوع الاجتماعي (رجل أو مرأة) شيء يجب أن نمارسه جميعاً، ويجب أن يكون معمماً على كل نشاطاتنا وممارساتنا الحياتية كأفراد وكناشطي مجتمع مدني، وهي القيام بالأمور بطريقة لا تؤدي لخلق فجوة بين الجنسين أو عدم مساواة.
وتضيف مؤسسة راديو سوريات والناشطة في مجال النوع الاجتماعي: “نستطيع بداية كناشطي مجتمع مدني وكفاعلين في مؤسساتنا ومنظماتنا أن نكون حساسين للنوع الاجتماعي، بحيث تصبح هذه الحساسية قيمة تعمم على كل مانقوم به من أنشطة وحتى أثناء التخطيط.”
وبالحديث عن أهمية الحساسية الجندرية والسعي لتعميمها تقول مالك: “هنالك سعي حقيقي، ولكن المستوى المعرفي منخفض، لذلك نحن أساساً بحاجة لرفع مستوى الوعي، حيث يوجد فارق بين مناصرة النساء وقضاياهن وبين الحساسية تجاه النوع الاجتماعي، وتكمن أهميتها في كونها قيمة مضافة لتصرفاتنا، تركز على الجذور وليس الأثر دون أن نخلق مقاومة مجتمعية من خلال عملنا بشكل مباشر”
مبادرة الأولى من نوعها .. لمكافحة التحرش وزيادة الحساسية الجندرية:
لربما يكون إدراج مدونة سلوك خاصة بسياسة مكافحة التحرش خطوة أولى لحماية المتطوعين والمتطوعات في مؤسسات المجتمع المدني، وبالتالي أخذ الحساسية الجندرية بعين الاعتبار، وهذا مابدأت القيام به العديد من المبادرات المجتمعية، استجابة لدعوة مبادرة “فنجان قهوة”.
“فنجان قهوة” وهي مبادرة مجتمعية انطلقت في عام 2017 للتوعية عن التحرش الجنسي، ركزت في نشاطاتها على ثلاثة محاورهي: التوعية المجتمعية بما فيها ببيئة التحرش الجنسي، والتوعية القانونية من خلال زيادة المعرفة بماهية التحرش الجنسي ضمن القانون السوري، وثالثها تعزيز إجراءات الحماية.
تفيد دانيا السعيدي وهي مؤسس ومدير المبادرة: “عملنا خلال السنتين الماضيتين على أول محورين وهما التوعية المجتمعية والقانونية، من خلال الورشات التي التي أقمناها في دمشق وحلب واللاذقية وحمص وحماه، بالشراكة مع جهات داعمة، وسعينا لإقامة حوارات حتى نستطيع تطبيق سياسة مكافحة التحرش عن طريق المحور الثالث وهو تعزيز إجراءات الحماية، وهو ما أثمر من خلال نشاط (مالها شقفة ورقة) ودفع العديد من الجهات في المجتمع المدني لتطبيق مدونات سلوك خاصة بمكافحة التحرش”
وتقول: “استندنا في بداية عملنا على استبيانات ودراسة حالات التحرش الجنسي ضمن جامعتي حلب وتشرين”، وتضيف: “تهدف مبارتنا لخلق بيئة آمنة للمتطوع أو المتطوعة، أو حتى للعاملين والعاملات، وحمايتهم من كافة أنواع التحرش الجنسي، حتى تستطيع المرأة أن تشعر بالأمان ضمن المحيط التي تعمل أو تتطوع به في هذا المجتمع”
“بلشنا صبايا وصار معنا شباب من كل سوريا”
تقول آيلة (25عاماً) من دمشق، وهي متطوعة في فنجان قهوة: “الفكرة هي الأولى من نوعها في سوريا، ونسعى جاهدين لحث وزارة الشؤون الاجتماعية أن تجبر أي جهة تتبع لها بوجود عقد في نظامها الداخلي فيما يخص التحرش الجنسي”
أما ساره أبو واصل من حمص وهي مدربة ومحامية عاملة ضمن القسم القانوني للمبادرة، أكدت من جهتها على أهمية الورشات التي تمت في المحافظات السورية ودورها في التوعية عن التحرش ضمن القانون السوري والمواد القانونية التي تتناول التحرش، والتي كانت خطوة تمهيداً لحملة تشديد العقوبات على المتحرشين في القانون السوري.
وكان لتوعية اليافعات في مدارس دمشق وحلب عن التحرش الجنسي نصيباً من نشاطات المبادرة، والتي أيضا عملت على التوعية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أطلقت سلسلة فنجان قهوة فيديوهات توعوية مجتمعية وقانونية، شارك من خلالها عدد من الناشطين والناشطات.