دمشق- ريم تكريتي- “تعلمت قيادة الحافلة منذ كنت في الثامنة عشر، ومن حينها وانا أجلس خلف مقوده، أي منذ أكثر من 26 سنة” يقول أبو محمد، وهو سائق حافلة كبيرة في دمشق. فقد منزله، وأرضه الواقعة في مزارع شبعا بالغوطة الشرقية خلال الحرب، ونزح وعائلته إلى منطقة جرمانا الواقعة على أطراف العاصمة.
دارت حافلته “السكانيا” كل شبر في سوريا، وشهدت آلاف الرحلات من شرق البلاد إلى غربها، وحتى للعديد من البلدان المجاورة قبل أن تبدأ الحرب، وينحسر عملها في دمشق.
يقول :”تأثرت مهنتنا خلال السنوات الماضية بشكل كبير، لم نعد نستطيع الوصول للكثير من المناطق في سوريا، إضافة لصعوبة التنقل بسبب الحواجز، والتفتيش الذي زاد من مدة التنقل حتى داخل العاصمة، ناهيك عن ارتفاع أسعار الوقود، والمواصلات، والحياة بشكل عام”.
يعشق أبو محمد حافلته، ويعتبرها مملكته الخاصة ويعتبر قيادتها متعة حقيقية، إضافة لأنها مصدر رزقه الوحيد.
يحتفظ في الحافلة بصندوق يسميه “نملية السكانيا” وهو مكان يضع فيه أدوات ومواد مطبخية من سكر وشاي وملح وزيت، وغاز وغيرها، لتكون منزله المتنقل في عمله. “عملت لأكثر من 8 سنوات على نقل موظفي معامل في ريف دمشق، جميع تلك المعامل دمرت، وبقيت عجلات حافلتي شاهدة على حوادث غيرت البلاد، وغيرتنا معها” يقول أبو محمد، ويختم حديثه متحسراً على أرضه وما فقده في الحرب قائلاً :”الله يفرج أحسن شي..”.
هل وجدت هذه المادة مفيدة؟