برج دمشق/ شباك سوري
article comment count is: 0

الأوسكار.. جائزة السوريين اليومية!

ضوء الشمعة أمامك، تنظر إلى الساعة تارة، وإلى “اللمبة” المغيبة لساعات، تارة أخرى، وفي داخلك أمنية، أن يسرع عقرب الثواني، وبعد لحظات، تسمع التصفيق هنا، والأصوات تتعالى: “إجت الكهربا” معلنة “الأكشن لحياتنا”.. والابتسامات تعلو وجوهنا، لتحصد “اللمبة” جائزة الأوسكار السوري عن أفضل مخرج لعام 2016، أو ربما في السنوات الست العجاف.

بينما تذهب جائزة “أفضل أداء”، لصاحب مهنة “رفع قاطع التيار الكهربائي”، الذي يلقى اهتمام السوريين أجمع، من حيث احتلاله لمعظم أحاديثهم في توجيه الشكر لإصداره عفو عن التيار للمرور للمناطق التي يقطنونها، ناهيك عن الشتائم التي يحصدها يومياً عند “إنزاله للقاطع”.

أما بالنسبة لفيلم طريقة معيشة السوري أدناه؛ يحصد جائزة أفضل سيناريو غير مكتوب حتى الآن، فيما يذهب أوسكار “أفضل سيناريو مقتبس”، لفيلم “أين وقعت قذيفة الهاون”، والمبالغة في عدد أرقام الضحايا وعدد القذائف، ناهيك عن المواطن الذي رآها تقع على بعد عشرة أمتار من موقعه، ولم تصبه الشظايا، وبطولته في سباق الماراثون للاختباء منها.

“أفضل صورة” يحصدها فيلم السهرة، إن وجد طبعاً، “لهب مدفأة المازوت”، الذي أشعل نار الشوق في قلوبنا، وفصلتنا عنه الأغطية الشتوية المتراكمة فوق أجسادنا، علها تعطينا شيئاً من دفئه، ومن حنين الماضي.

وبالانتقال إلى جائزة “أفضل موسيقى”، فبالطبع نالها وبكل جدارة، صوت موتور المياه، الذي يعلن قدوم “الحياة” مرة واحدة كل خمسة أيام ولساعات قليلة، نتصور فيها ال”سيلفي” مع الصنبور وأعيننا تدمع لرؤيته، ونقدر نعمة “موتور المياه” الذي طالما كنا ننزعج من صوته، ولكن نعترف اليوم بكامل قوانا، أن هذه “الموسيقى” هي أفضل ما سمعناه خلال حربنا، أو حربكم..!

“أفضل فيلم وثائقي قصير”.. أعتقد أن ست سنوات من الحرب، ليست بقصيرة، دعنا نتجاوزها، لنصل لأوسكار “أفضل فيلم وثائقي طويل” الذي طال كثيراً، على أمل أن نصل إلى تتر الختام قبل ملامسة الرمق الأخير.

لنصفق الآن لجائزة أفضل مكياج، وهو ما رسمته الحرب بدقة متناهية وبتفاصيل أبدعت من خلالها في نقش أشكال الحزن على وجهنا، لنستيقظ كل يوم ونتأمل في تجاعيده التي عجزت الحياة هنا عن تغطيتها بالرغم من محاولاتنا المستمرة في الهروب منه، إلا أنه لا ينفك صوت هدير الطائرة، وقذائف الهاون والمدفعية والقصف، وصورة من قتلته الحرب، في تذكيرنا بالمأساة التي نعيشها.

أوسكار “أفضل أزياء”، يذهب للأرصفة في دمشق، التي تراكمت عليها الألبسة المستعملة “البالة”، مشكلة بعشوائية ملونة وعبثية متناهية الترتيب، ملاذاً لكل سوري في ظل الغلاء الذي وصل فيه سعر الجاكيت الشتوي في المحال؛ إلى 150 دولار، مقابل مرتب يتقاضاه ذاك المواطن؛ تتراوح قيمته بين الـ70 و80 دولار أميركي!.

نعتذر عن تقديم جائزة أفضل ممثل وممثلة، فلا سيناريوهات مكتوبة هنا ولا خشبة مسرح هناك، أدوار البطولة فرضت علينا جميعاً. أن تحصل على قارورة مياه للشرب، أنت بطل، أن تصل إلى عملك دون معارك ومغامرات في الحصول على مقعد في وسيلة النقل، أنت بطل. أن تشتري أسطوانة الغاز دون “واسطة”، أنت بطل. أن تبقى على قيد الحياة في ظل هذه الحرب، أنت سوبر مان، فلذلك؛ أنت يا من تقرأ هذا المقال؛ يعني أن لديك كهرباء وإنترنت في هذه اللحظة.. انتبه عيون الحاسدين كثيرة..!.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً