أظن أن الاستيقاظ في أول يومٍ لا تسمع فيه جملة “قوم دروس ما بقي غير شهر لفحصك!” هو يوم ليس كمثيله من الأيام، قد أنهيتَ للتو مرحلة الثانوية وتجاوزت العقبة التي لعَّلها الأكثر تعقيداً في حياتك.. حتى الآن.
هنيئاً لك، لا شك أنها كانت سنة مليئة بالملخصات الدراسية والجلسات التحضيرية للامتحان والكثير من التوتر والرهبة، كونها مرحلة انتقالية تضع فيها حجر الأساس لمستقبلك!
لكنني اليوم لن أكتفي بالتصفيق والمشاهدة، بل لدي ما أخبرك عنه لعله يساعدك في خوض المرحلة المقبلة التي ستشكل نموذجاً أولياً عن الحياة العملية.
التغيرات ليست جذرية!
في بداية الحياة الجامعية، قد ينجرف البعض في تيارات الإهمال وإضاعة الوقت -وربما المال- في سبيل التحرر من قيود العام الذي سبق دخولهم باب الجامعة، ظناً منهم أنها مكان يختلف جذرياً عن الذي كانوا فيه من قبل، سأكون أكثر واقعيةً معك، الفرق فقط في بعض المصطلحات لا أكثر، لكن الجهد المطلوب لم يتغير، فالحُصَّةُ أصبحت “محاضرة”، والنجاح في المواد أصبح “ترفيعاً” لها والفرصةُ صارت “سردة بالمقصف”.
أنصحك بتفادي هذا الخلط في المصطلحات، بل حافظ على رؤيتك المستقبلية ولا تجعل منها مقامرةً باهظة الثمن تعود عليك في الأعوام الأخيرة كدين متراكمٍ لا تجد منه مفراً ولا مهرباً.
علاقاتك الاجتماعية لا تحدد هويتك
نحن كبشر مفطورون على التأقلم وسط مجتمع مختلف الثقافات والخلفيات التي تحمل ألوان وأطياف المجتمع كافة، كما ستجد أشخاصاً مبدعين، ستصادف آخرين ينعتهم البعض ب”النيردات” ولاعبي فريق كرة السلة طوال القامة.
هنا أصف لك الواقع من تجربتي الشخصية، كن على ثقة تماما أنك الشخص الوحيد المنفرد بصفاتك مهما كانت مشابهة مع الآخرين، لا بأس في الانخراط طبعاً؛ لكن هذا لا يعني أن تضيع هويتك المميزة بين الآخرين، اجعل لنفسك هويةً مختلفة تستطيع بها التأقلم والانسجام بين الجميع.
الدراسة كالقدر.. كلاهما لا مفر منهما
نصيحتي الثانية لك هي ألّا تهمل أهمية الموازاة بين الاستمتاع بتجربة الحياة الجامعية الجديدة، والدراسة لها بشكلٍ جدي.
النمط الدراسي في الجامعة مختلف قليلاً، ستكون لك الحرية المطلقة في دراسة موادك أم إزاحتها جانباً -وهذا يختلف تبعاً لاختصاصك الدراسي- لكن إياك وإهمالها وتفضيل “برتيات التريكس” على أوقات المحاضرات -خصوصاً العملي منها- لأنك ستجد أن العديد من المواد مرتبطة مع بعضها، ولهذا قد ترسب بمادتين، وفي السنة التي بعدها ترسب في مادتين أيضاً، وهكذا على هذا المنوال حتى تصل للسنة الأخيرة وأنت مثقل بعدد المواد التي يجب أن تنجح بها في وقت ضيق، أنت لست مجبراً على ذلك.
لا تتركها تجربة خالية من التطور
سأكون صريحاً معك، ستدخل/ـين الجامعة، ستتعرفوا على العديد من الأساتذة والمعلومات الجديدة، -ومن وجهة نظري الشخصية- البعض من هذه المعلومات لها أهمية كبيرة والبعض الآخر….حسناً، لنقل يمكن استبداله بمعلومات أكثر فائدة!
دع لنفسك مساحة تمكنك من تعلم شيء جديد، مثل لغة جديدة، أو طور من مهارة معينة أو هواية تحبها وتملكها منذ الصغر. وإياك والبقاء في “منطقة الراحة” أو الـ Comfort Zone كما يسميها البعض، بإمكانك التطوع في مكان يدعم مسيرتك الأكاديمية، ويقدم لك خبرة عملية في المستقبل، وبمقدورك المشاركة في الندوات العلمية و الترفيهية سواء كانت ضمن الجامعة أم خارجها، اللائحة قد تطول بالاقتراحات، لكن ما أريد تسليط الضوء عليه؛ بإمكانك من حياتك الجامعية جسراً تعبر به للحياة العملية بنجاح، لا تتركها لتتحول ببطء إلى روتين بائس يسلب منك إنتاجيتك وطاقتك.
أود سماع آرائكم، ماهي خططكم لاستقبال الجامعة؟ وماهي الأشياء التي ترغبون في القراءة عنها وتتعلق بالحياة الجامعية؟