شاب سوري يعمل في مهنة تطعيم النحاس بالفضة- دمشق/ شباك سوري
article comment count is: 0

فرص العمل في سوريا بمأمن عن الروبوتات!

إذا ما سألت شاباً سورياً اليوم إن كان يخشى استبداله بروبوت يستطيع أداء العمل أفضل منه، ربما يجيبك أن «حلال على الروبوت، إن استطاع إيجاد عمل في سوريا». يقول آخر إن أزمة الطاقة كفيلة بحمايتنا من خطر مشابه؛ “فالشباب السوري لا يحتاج حتى الآن أن يشحن بالكهرباء حتى يعمل”.

للحقيقة، تبدو سوريا خارج الجدل المُشتعل في الصحف العالمية حول مصير العمل في عام 2050. خاصة بعد تنبؤات بأن 40% من المهن ستختفي مع الثورة التكنولوجية الرابعة التي تسعى إلى استبدال البشر بروبوتات. الظروف الاقتصادية في ظل الحرب خلقت هواجس من نوعٍ مختلف، خاصةً مع وصول نسب البطالة -وفق آخر الإحصاءات الرسمية التي تم تداولها عام 2015- إلى ( 60-70%).

يكرر خبراء التكنولوجيا الغربيون القول إن “الكومبيوتر جيّد في الأعمال التي يراها البشر معقدة وسيء في الأعمال التي يرونها سهلة”. ومن هذا المنطلق يمكن إلقاء نظرة على المهن التي يُخشى أن تجد الروبوتات أداءها “هيّناً”:

يتصدرالعمل في منظمات المجتمع المدني (NGO) لائحة رغبات الشبان السوريين اليوم. وبالرغم من أن هناك الكثير من علامات الاستفهام حول توجهات بعض تلك المنظمات، ومؤشرات على تفشي الفساد داخلها؛ لكن الأجر -حتى بعد اقتطاع ما يتم اختلاسه- يظل بنظر الشبان “خرافياً” مقارنة بالأجر الزهيد في المؤسسات الحكومية. عند سؤال أحد العمال في مصنع حكومي إذا ما كان يخاف استبداله بروبوت أجاب: “يوميتي في المصنع لا تتجاوز 700 ليرة سورية، بينما قد يكلّف تصنيع يد الروبوت وحدها ما يقارب 700 دولار”.

هذا وتأتي “المهن العابرة للحدود” كمخرج للعديد من المبرمجين والمصممين والمهندسين الذين ينفذون مشاريع لمؤسسات قائمة في الخارج. وكأي نمط من الأعمال الحرة، لا يمتلك هؤلاء حقوقاً أو عقوداً تضمن استمرارهم في العمل، ناهيك عن استغلال تلك المؤسسات لظروفهم الصعبة في الحرب وفرضها أجوراً مجحفة.

لكن، ومقابل الوظائف المحدودة التي تحتاج مؤهلات خاصة، هناك عشرات المهن الحرة التي يلجأ إليها المهمشون من ذوي المستوى التعليمي المنخفض، ففي الحرب ازدهرت أعمال خاصة كوظيفة “الحارس الشخصي”، والورشات التي تعيد بناء البيوت من ركام المباني المهدمة في مناطق الحصار.

وبينما يخوض العالم سباقاً لإنجاز أعقد المهمات بأسرع وقت ممكن، تترك الحرب السورية للشبان فائضاً من وقت الفراغ. هكذا ظهرت أعمال قوامها “بيع وشراء الزمن”؛ فهناك من يندس في طابور البنزين أمام محطة الوقود لمدة قد تصل لتسع ساعات كي يملأ سيارة شخص مترفٍ لا يملك وقتاً للانتظار، مقابل (1500 ل.س) ما يعادل 3 دولارات أميركية.

وعند الحديث عن واقع العمل، لا يمكن تجاهل “مهن الاقتصاد الأسود” التي غذّتها البطالة والفوضى، مثل التهريب والاتجار بالمحروقات وبيع الأسلحة والمخدرات. إذ تقدّر عائدات الاتجار بالمخدرات وحدها داخل سوريا اليوم بمئات الملايين من الدولارات سنوياً.

لسنا نحسد العالم على “تطوره التكنولوجي” في حين نغرق نحن في أزمات الحرب؛ فالحقيقة أن صورة الاقتصاد العالمي المستقبلية ليست مضيئة على الإطلاق، وما يجري في سوريا جزء من كل، فهناك من يتوقع حصول مجاعات عالمية بحلول 2025، ويؤكد آخرون أن التكنولوجيا ستزيد الأغنياء غناً والفقراء فقراً.

الحروب فقط تسرّع عمليات التدهور الاقتصادي، وتوضح الهوة بين دول “المركز” و”الأطراف”. قد يكون للحرب فوائد خفيّة بعد كل هذا، فبفضلها اكتشف السوريون أنهم يتفوقون على الروبوتات: هم أكثر صبراً على العمل بشروط مجحفة مع مختلف الجهات التي تسعى لاستغلالهم، كما أن لا خوف من أن تسرق الروبوتات “بطالتهم”.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً