“لا تهمني الألقاب ولا أكترث لما يقوله الناس أني أعمل في تقديم القهوة”، تقول دارين كعكة ” 29 عاماً”، التي حولت سيارة فولكس فاغن إلى “موقف لتقديم المشروبات الساخنة” في طرطوس الساحلية بالتعاون مع صديقها إيهاب، ليكسرا بذلك نمطية المجتمع الذي يتغنى بألقاب كالمهندس والطبيب والأستاذ. فإيهاب مهندس، ودارين مترجمة وأخصائية في العنف القائم على النوع الاجتماعي، ويحضران لرسالة الماجستير الخاصة بهما، ورغم أن لكل منهما وظيفته وعمله؛ إلا أنهما قررا البدء من جديد. تقول دارين: “منذ عشر سنوات وأنا أعمل لدى الآخرين. حان الوقت الآن لأفتح مشروعي الخاص”.
الفكرة نفذها الشاب والشابة في 28 من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، يصفها البعض بالجريئة والأولى من نوعها في طرطوس، لتصبح “الفولكس فاغن” استراحة يقدمان من خلالها القهوة والنسكافيه والعديد من المشروبات الساخنة، مطلقين عليها اسم “ع موقف دارينا”.
“رسمة حطيتها أنا وصغيرة… وكانت حلم” تحكي دارين قصة الفكرة، ليتردد صداها لدى إيهاب الذي شجعها وشاركها في تنفيذ المشروع، فتمكنوا معاً من الحصول على منحة مشاريع صغيرة من دائرة العلاقات المسكونية والتنمية GOPA.
رغم أن المشروع استغرق سنة كاملة ليبصر النور بسبب الصعوبات التي أعاقت افتتاح القهوة لأكثر من مرة؛ إلا أن دارين وإيهاب لم يفكرا للحظة بالتوقف والاستغناء عن المشروع. ليستثمرا وقتهما في تعلم دارين كيفية صنع المشروبات الساخنة من الإنترنت، بينما إيهاب كان يراسل شركة فولكس فاغن ليتأكد من التعديلات التي سيقوم بها على السيارة.
“قهوة ع مفرق دارينا” تستقطب حالياً الكثير من الزبائن منهم عابرو سبيل والكثير من القاصدين الذين يرغبون بتشجيع هذا النوع من المشاريع وخاصة التي يقوم عليها الشباب. حتى أنه استغرق لقائي معهم دقائق كثيرة في انتظار دوري لمقابلتهم وكتابة هذه السطور.
لم يكن الحلم وتحقيقه حكراً على دارين وإيهاب، فعلى بعد عشرات الكيلو مترات، كان الشاب حسن محمد (31 عاماً) يشاركهما الإرادة القوية ذاتها عبر فكرة يراها الكثير أنها مميزة في مجتمعنا، “أعمل منذ سنتين دون أن أعرف مسار شغفي، لكن كان لدي حلم وهو أن يرى العالم الجمال والاختلاف” يقول حسن الذي ترك عمله كإعلامي ليبدأ مشروعاً فريداً من نوعه بتحويل قطعة أرض “بور” إلى غابة استوائية في ريف مدينة طرطوس.
“هنا يزرعون البندورة والكوسا وأقصى حد الفريز، لكن شغفي بالإبداع وخلق الفرادة جعلني أنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة” يضيف حسن. وبامتلاكه لقطعة أرض تحوي نبع ماء ومغارة صغيرة بدأ بتشكيل المكان فحول هذا المكان إلى غابة استوائية فيها شتى أصناف الفواكه “ببايا، دراغون فروت، ببينو، توت الانكا”، وغيرها الكثير من الفواكه الاستوائية التي نجهلها في سوريا. يقول حسن: “جمعت الماء والألوان والغرابة من خلال الفواكه الاستوائية”.
ما يميز المغارة الاستوائية هو الحضور القوي للطبيعة. فأنت تجلس في ظلال غابة ضخمة وتأكل من ثمارها الطازجة المقطوفة تواً. تتنقل عبرها بطرق مرصوفة بالحجارة، وتتوزع فيها طاولات صخرية وأخرى خشبية شكلتها الطبيعة وقام هو بنحتها. “تركت الطبيعة تبدع وما كان علي إلا أن أنسقها” يقول حسن.
يطلق الشاب الثلاثيني على نفسه لقب ” مستثمر غير مادي” فرغم كثرة العروض التي جاءت لاستثمار المكان لتحويله إلى مطعم اعتيادي يقدم المأكولات كان نصيبها الرفض. “شغفي رؤية ثمرة غريبة تنمو في بستاني، ورؤية السعادة في عيون الزائرين”.
هل وجدت هذه المادة مفيدة؟